مريم نعوم: الكتابة عن المرأة ليست حكرا على النساءبوابة الاهرام

مريم نعوم «ماركة مسجَّلة» لدى المشاهد فيما يخص تناول قضايا المرأة، فهي صاحبة سيناريو فيلم «واحد صفر» الذي حصد منذ عدة سنوات خمسين جائزة دولية وإقليمية، و«سجن النساء» الذي عاشت نعوم قبل كتابته أياما في سجن النساء، كى تكتب الواقع كما خبرته، و»بنت اسمها ذات» عن رواية الكاتب الروائى صنع الله إبراهيم، و«موجة حارة» المأخوذ عن رواية «منخفض الهند الموسمي» للكاتب الراحل أسامة أنور عكاشة.

قضيتها الأساسية هى المرأة وما تعانيه ومازالت، فرغم ما حققته حاليا نساء مصر من نجاحات تحت قبة البرلمان، ووجود وكيلة لمجلس الشيوخ، وسبع وزيرات نشيطات، وقاضيات متميزات. مازلنا مجتمعا ذكوريا تعاني فيه المرأة، من القهر والحرمان من الميراث وتزويجها وهى قاصر. من هذا المنطلق جاءت أعمال نعوم لتنال إعجاب الكثيرين الذين مازالوا في انتظار إبداعاتها الجديدة.

والدك الروائي نبيل نعوم ووالدتك الفنانة التشكيلية سوزان المصري… إلى أى حد تأثرت بهما في دخول عالم السيناريو حتى أصبحت من أضلاعه المهمة؟
نشأت في منزل فني، والدي روائي ووالدتي فنانة تشكيلية ومصممة حلي، وبالتالي علاقتي بالفنون بشتى أنواعها بدأت مع تكويني في هذا المنزل، وعند التحاقي بمعهد السينما أدركت ميولي للكتابة، ولكن والدي لم يساعدني مباشرة على دخول مجال الكتابة، ولكن تربية والدي لي هي التي جعلتني أميل إلى المجالات الإبداعية دون غيرها.

بعد نجاحك في كتابة السيناريو؛ هل صارت مهنة بالنسبة لك أم مازالت هواية؟
بدأت هواية، ثم تحولت إلى مهنة. فلولا عنصر الاحتراف ما استمررت حتى هذه اللحظة أكتب بانتظام، ولولا حماسة الهاوي ما حافظت على شغفي المهني.
-بدأت بداية قوية في أول أعمالك للسينما بسيناريو فيلم «واحد صفر» الذي فاز بسبع جوائز دولية وإقليمية. ما تأثير ذلك في مسيرتك الإبداعية؟
أي بداية قوية تعطي الصناع ثقة فى صاحب الموهبة الجديدة، وتساعد على فتح الأبواب وتوالي الأعمال، ولكن المحافظة على الاستمرار تحتاج إلى الكثير من الجهد والمثابرة.

شكلت مع الفنانة نيللي كريم «دويتو» ناجحا وكانت بطلة أغلبية أعمالك.. لماذا هي بالذات؟ وهل لك دور في ترشيحها للأعمال؟
المسألة جاءت دون تخطيط، ثم توالت الأعمال بعضها بترشيح من المخرج أو مني لنيللي، أو بترشيح من نيللي لي، ولكن بغض النظر عن الطريقة التي جمعتنا، فكلها كانت في أعمال مهمة لاقت قبولا كبيرا.

ماذا عن علاقتك بالمخرجة كاملة أبوذكري التي شاركتك العديد من الأعمال الناجحة؟
تعرفت إليها عام 2004 عند كتابة فيلم «واحد صفر»، ثم توالت أعمالنا معا على مدار سنوات عديدة جمعتنا خلالها علاقة عمل بها الكثير من الاحترام والتفاهم، فكل منا يقدر موهبة الآخر، ولدينا قدرة كبيرة على التواصل الفكري، وأتمنى أن تستمر علاقتنا هكذا مادمنا في هذا المجال.

السيناريو حجر أساس العمل الفني، لكننا نسمع كثيرا من الفنانين عن وجود «أزمة ورق» أو عدم وجود سيناريو جيد.. إذا كان ذلك صحيحًا فما السبب من وجهة نظرك؟
لأن عددا كبيرا من كتاب السيناريو ليسوا محترفين، ولم يدرسوا ولم يهتموا بالقراءة ومشاهدة الأعمال الكلاسيكية، ولم يعطوا أنفسهم فرصة للتأمل، وتلك كلها عناصر تسهم في تطوير موهبة وحرفة السيناريست ليصبح متمكنا من أدواته، الأفكار الجيدة لا تكفي لكتابة سيناريو محكم.

بعد انتشار ورش كتابة السيناريو في مصر.. هل تعتقدين أنها ستسهم في خلق جيل من الشباب المبدع المتخصص؟
بعد عدة سنوات من التعلم والعمل تحت إشراف كتَّاب سيناريو محترفين سيصبح لدينا جيل جديد من المبدعين الذين تعلموا داخل تلك الورش. ولكني لا أعتقد أن ذلك سيحدث بعد عمل أو اثنين، بل بالتراكم، مثلما تعلمنا نحن من خلال الدراسة أولا: ثم بتراكم الخبرات، ثانيا: الخطوة الثالثة وتتمثل في عملهم بشكل فردي سينتج عنها عملية فرز تلقائية، فيثبت أصحاب الموهبة والحرفة أنفسهم.

تهتمين بقضايا المرأة في معظم أعمالك.. فما القضية التي تشغل بالك الآن وتودين الكتابة عنها؟ وهل المرأة تعاني بالفعل بعدما حققته من إنجازات في الحياة السياسية والبرلمانية وغيرهما؟
أهتم بالمجتمع بشكل عام، ولكن لأن المرأة مازالت تعاني الكثير من ألوان القهر، أصبح لها نصيب الأسد في أعمالي. ولا أعتقد أن معاناة المرأة تكمن في عدم تقلدها المناصب من عدمه، ولكن في حياتها اليومية، مازال المجتمع ذكوريا بامتياز في التفكير والتصرفات، إلا من رحم ربي.

من يكتب أفضل عن المرأة… المرأة أم الرجل؟
لا أعتقد أن الأمر يرتبط بنوع الكاتب، أظن أن الشخص الأكثر حساسية تجاه ما يكتب عنه سيكتبه بشكل أكثر صدقا، وسيصل إلى الجمهور بسلاسة.

أيهما أكثر متعة بالنسبة لك الكتابة للسينما أم للتلفزيون؟
الاثنان لهما المتعة نفسها، ولكني مفتقدة الكتابة للسينما، وأتمنى أن أكتب فيلما قريبا.

ما أهم أدوات السيناريست الناجح؟
الثقافة، والمثابرة، والنضج، والحساسية، والتعاطف، والتأمل، والاهتمام بالتفاصيل.

من أحسن سيناريست الآن من وجهة نظرك؟
هذا سؤال لا إجابة له عندي، فأنا لست في محل تقييم زملائي.

هل لديك طقوس معينة في الكتابة؟
كان ذلك سابقا، ولكني مع الوقت والتعود اكتسبت القدرة على التأقلم مع الظروف المحيطة بي، ودربت نفسي على الانفصال الذهني عن محيطي تماما والتركيز أثناء الكتابة دون تشتت.

هل حدث مرة أن أفسد الإنتاج نصًّا لك ولم يخرج بالشكل الذي أردته؟
لا، لم يحدث، لكن هناك أعمال خرجت أقرب لتصوراتي عن أعمال أخرى.

هل تحبين مشاهدة أعمالك عند عرضها؟ وكيف يكون شعورك وقتذاك؟
أشاهدها مع الجمهور، كأني لست كاتبتها. وأحاول أن أكون رفيقة بنفسي في الحكم على ما كتبته.

يرى البعض أن الأعمال الدرامية تشوه المجتمع وتظهر أسوأ ما فيه خارج مصر.. كيف ترين الأمر؟ وهل تغيير المجتمع مهمة الكاتب؟
الأعمال الدرامية مرآة المجتمع وليس العكس، فإذا كان ما تقدمه تشويها للمجتمع، فعلى المجتمع العمل على علاج هذا التشوه فيه قبل إلقاء اللوم على الأعمال. والكاتب ليس دوره تغيير المجتمع، بل طرح الأفكار وفتح باب النقاش المجتمعي، أما التغيير فهو دور أفراد المجتمع أنفسهم، والجهات التي قد تكون معنية بما يقدمه العمل.

بعد مسلسلك الأخير «أنصاف مجانين» كيف ترين الكتابة لمنصات المشاهدة الإلكترونية؟ وما مدى نجاحها وجماهيريتها؟
أظن أن المنصَّات ستفتح مجالا كبيرا للكثير من الصنَّاع، كما أنها ستسمح بكتابة أعمال أكثر جرأة فكريا، دون الالتزام بعدد الحلقات الكبيرة، مثل ٣٠ حلقة لرمضان، وبالتالي سيتمكن الصناع من كتابة أعمالهم داخل الإطار الأنسب للعمل.

القراءة زاد الكاتب ليطور من نفسه ومن أدواته.. لمن تقرئين؟ ومن أكثر الكتَّاب تأثيرًا فيك؟
بشكل عام أقرأ في الأدب والمسرح والتاريخ والتأريخ السياسي والاجتماعي وعلم النفس، تلك هي الموضوعات الأقرب إلى نفسي. أما عن الكتّاب فنجيب محفوظ ويوسف إدريس هما أكثر من قرأت لهما من كتاب ذلك الجيل وهو المؤسس الحقيقي لفنون الرواية والمسرحية والقصة في مصر، يليهما جيلا الستينيات والسبعينيات وهما من أكثر الأجيال الذين تأثرت بكتاباتهم. إضافة إلى المسرح العالمي الذي أسهم كثيرا في تكويني.

لماذا نجحت بعض الأفلام السعودية والسودانية والتونسية على مستوى المهرجانات الدولية، وسبقتنا هذه الدول رغم تاريخنا الطويل والعريق في السينما؟
أعتقد لأنهم اهتموا بموضوعات شديدة الخصوصية ترتبط ارتباطا وثيقا بثقافاتهم وبلادهم، فالمتفرج الأجنبي لا يريد مشاهدة فيلم يعيد صنع أفلامهم الأجنبية ولكن باللغة العربية، بل يريد أن يكتشف ثقافة الآخر.

ما أمنياتك للمرأة والسينما؟
أتمني للمرأة المزيد من التمكين والاستقلالية. وأتمنى أن تعود الدولة إلى مسيرتها الطويلة السابقة لدعم السينما، لنتمكن من إنتاج أفلام على مستوى يليق بتاريخنا وثقافتنا تتيح لنا المنافسة في المهرجانات العالمية ونحن مرفوعو الرؤوس، فتاريخنا السينمائي قديم ونحن رواد في الدول العربية، ولا يبقى إلا أن نعود إلى منصات التتويج.

المصدر:
gate.ahram.org.eg